وردت أحاديث إستدل بها على مسائل في الكتاب، وقبل إيرادها وبيان الإستدلال بها يحسن التمهيد لذلك بتعريف الكتاب،ونبتدئ ببيان المعنى الإفرادي.
فهو في اللغة: يطلق على كل كتابة ومكتوب، فهو يستعمل بمعنى المصدر، وبمعنى اسم المفعول -[1]، ثم غلب في عرف أهل الشرع على القرآن الكريم -[2].
والقرآن في اللغة: مصدر بمعنى القراءة -[3]، ثم غلب في العرف العام على المجموع المعين من كلام الله سبحانه المقروء بألسنة العباد -[4].
ولفظ القرآن أشهر في الدلالة من لفظ الكتاب، فجعل تفسيراً له -[5].
وفي الاصطلاح: الكتاب هو القرآن -[6] وهو أشهر من أن يعرَّف.
ولكن الأصوليين نظروا إليه بوصفه دليلاً شرعياً، فوضعوا له حداً ليجمع ما يسمى قرآناً، ويخرج ما لا يسمى قرآناً من النصوص الشرعية، وقد إختلفوا في ذلك:
فقال الغزالي: حقيقة الكتاب هو ما نقل إلينا بين دفتي المصحف بالأحرف السبعة المشهورة نقلاً متواتراً -[7].
وقال ابن السبكي: هو اللفظ المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم للإعجاز بسورة منه المتعبد بتلاوته -[8].
وقال ابن النجار هو: كلام منزل معجز بنفسه، متعبد بتلاوته -[9].
من خلال هذه التعريفات، يمكن أن يعرَّف الكتاب بأنه: كلام الله المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم المعجز بنفسه، المتعبد بتلاوته، المنقول بالتواتر، المكتوب في المصحف.
شرح التعريف: قولنا: كلام الله: هو الكلام الذي تكلم به سبحانه بحرف وصوت، وليس معنىً نفسياً -[10]، وخرج بهذا القيد كلام غيره، فإنه لا يعد قرآناً.
قولنا: المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم قيد في التعريف خرجت به الكتب المنزلة على غيره من الأنبياء كالتوراة والإنجيل، وكذا خرج به الأحاديث القدسية عند من يقول أنها غير منزلة، وكذا الأحاديث النبوية -[11].
قولنا: المعجز بنفسه: أي ما قصد به الإعجاز، وإحترز به عن الأحاديث القدسية عند من يقول: إنها منزلة، فإنها ليست معجزة بنفسها -[12].
قولنا: المُتعبد بتلاوته: قيد في التعريف خرج به الآيات المنسوخة اللفظ، سواء بقي حكمها أم لا، لأنها لا تعد قرآناً، فلا يجوز التعبد بها -[13].
قولنا: المنقول بالتواتر: قيد في التعريف خرج به ما ليس متواتراً، كالقراءة الشاذة -[14]
قولنا: المكتوب في المصاحف : قيد في التعريف جيء به لإثبات صفة القرآنية للكلام المكتوب في المصاحف دون غيره -[15].
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
المراجع
[1] انظر: مقاييس اللغة 5/108،مادة قرأ،لسان العرب 1/698، مادة قرأ .
[2] انظر: شرح الكوكب المنير 2/7 .
[3] انظر: الصحاح 1/65، مادة قرأ،لسان العرب 1/129، مادة قرأ.
[4] انظر:شرح المحلي على جمع الجوامع بحاشية البناني 1/356 .
[5] انظر: شرح الكوكب المنير 2/7 .
[6] انظر: تشنيف المسامع 1/305 .
[7] المستصفى 1/9،وانظر: روضة الناظر 1/266- 267 ، الإحكام في أصول الأحكام للآمدي 1/159.
[8] جمع الجوامع مع شرح المحلي بحاشية البناني 1/357 .
وانظر: تشنيف المسامع 1/305 .
[9] شرح الكوكب المنير 2/7-8 .
[10] انظر: المصدر نفسه 2/13.
[11] انظر: الإحكام في أصول الأحكام للآمدي 1/159، تشنيف المسامع 1 / 306 ، إرشاد الفحول 1/169، أصول الفقه لمحمد شلبـي 85.
[12] انظر: تشنيف المسامع 1/306، شرح الكوكب المنير 2/7.
[13] انظر: تشنيف المسامع 1 / 307 ، شرح الكوكب المنير 2/8 .
[14] انظر: المستصفى 1/10 – 11، إرشاد الفحول 1/169، أصول الفقه للخضري 211، أصول الفقه لمحمد شلبي 86.
[15] انظر: المستصفى 1/9،أصول الفقه لمحمد شلبي 86، أصول الفقه لعبدالوهاب خلاف 26.
الكاتب: د. سناء بنت هاشم المغربي.
المصدر: موقع رسالة الإسلام.